الأربعاء، 1 نوفمبر 2017

وصية عبد الرحمن الكوكبي للشباب

وصية للشباب:
مقتطفات من كتاب عبدالرحمن الكواكبي رحمه الله (طبائع الاستبداد و مصارع الاستعباد. نشره في 1902 وتوفي في نفس العام مسموما عن 41 عاما) (8):
نحن (كبار السن) ألفنا الأدب مع الكبار ولو داس رقابنا. ألفنا الثبات ثبات الأوتاد تحت
المطارق، ألفنا الانقياد ولو إلى المهالك. ألفنا أن نعتبر التصاغر أدبًا، والتذلل لطفًا،
واللكنة رزانة، وترك الحقوق سماحة، وقبول الإهانة تواضعا، والتملق فصاحةً
والرضا بالظلم طاعة، ودعوى الاستحقاق غرورا، والبحث عن العموميات فضولا،
ومد النظر إلى الغد أملا طويلا، والإقدام تهورا، والحمية حماقة، والشهامة شراسة،
وحرية القول وقاحة، وحرية الفكر كفرا، وحب الوطن جنونًا.
أما أنتم، حماكم الله من السوء، فنرجو لكم أن تنشئوا على غير ذلك، أن
تنشئوا على التمسك بأصول الدين، دون أوهام المتفننين، فتعرفوا قدر نفوسكم في
هذه الحياة فتكرموها، وتعرفوا قدر أرواحكم وأنها خالدة تثاب وتجزى، وتتبعوا
سنن النبيين فلا تخافون غير الصانع الوازع العظيم. ونرجو لكم أن تبنوا قصور
فخاركم على معالي الهمم ومكارم الشيم، لا على عظام نخرة. وأن تعلموا أنكم
ُخلقتم أحرار ً ا لتموتوا كراما، فاجهدوا أن تحيوا ذلك ما اليومين حياة رضية، يتسنى
فيها لكل منكم أن يكون سلطانًا مستقلا في شئونه، لا يحكمه غير الحق، ومدينًا
وفيا لقومه لا يضن عليهم بعني أو عون، وولد ً ا بارا لوطنه، لا يبخل عليه بجزء من
فكره ووقته وماله، ومحبٍّا للإنسانية يعمل على أن خير الناس أنفعهم للناس، يعلم
أن الحياة هي العمل ووباء العمل القنوط، والسعادة هي الأمل، ووباء الأمل التردد،
ويفقه أن القضاء والقدر هما عند الله ما يعلمه ويمضيه، وهما عند الناس السعي
والعمل، ويوقن أن كل أثر على ظهر الأرض هو من عمل إخوانه البشر، وكل عمل
عظيم قد ابتدأ به فرد ثم تعاوره غريه إلى أن كمل، فلا يتخيل الإنسان في نفسه
عجزا، ولا يتوقع إلا خير ًا، وخير الخير للإنسان أن يعيش حر ً ا مقداما أو يموت

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق