تقدم المجتمع يبدأ بتقدم المرأة
من قصائد حافظ إبراهيم ، أنشدها عام (1910 م.) في حفل أقيم ببورسعيد احتفاء بافتتاح مدرسة البنات تطرق فيها إلى اهمية تربية و تعليم البنات لان ذلك هو اساس التقدم ، و حاول فيها توصيف الواقع المتخلف لتدني الاخلاق و القيم وتقديم الحلول . و يقر الشاعر باهمية العلم و لكن يقدم عليه الاخلاق و القيم. و يرى ان الارتقاء بالمرأة هو الذي سيؤدي الى الارتقاء بالمجتمع لانها استاذ الاساتذة.
و ما اشبه اليوم بالبارحة فما زلنا بعد اكثر من مئة عام هذه القصيدة ، نعاني من نفس المعوقات ومن نفس السلبيات . على الرغم من تغير شكل الحكم فما زالت الاتجاهات و القيم هي السائدة.
مَن لي بِتَربِيَةِ النِساءِ فَإِنَّها
في الشَرقِ عِلَّةُ ذَلِكَ الإِخفاقِ
الأُمُّ مَدرَسَةٌ إِذا أَعدَدتَها
أَعدَدتَ شَعباً طَيِّبَ الأَعراقِ
الأُمُّ رَوضٌ إِن تَعَهَّدَهُ الحَيا
بِالرِيِّ أَورَقَ أَيَّما إيراقِ
الأُمُّ أُستاذُ الأَساتِذَةِ الأُلى
شَغَلَت مَآثِرُهُم مَدى الآفاقِ
و يبدأ الشاعر بالتعبير عن حبه لمصر و غيرته عليها
كَم ذا يُكابِدُ عاشِقٌ وَيُلاقي
في حُبِّ مِصرَ كَثيرَةِ العُشّاقِ
إِنّي لَأَحمِلُ في هَواكِ صَبابَةً
يا مِصرُ قَد خَرَجَت عَنِ الأَطواقِ.
و يضرب الشاعر بامثال كثيرة على علماء بدون اخلاق استغلوا علمهم للحصول على منافع لهم ولو بالاضرار بالبلد و منهم:
لا تَحسَبَنَّ العِلمَ يَنفَعُ وَحدَهُ
ما لَم يُتَوَّج رَبُّهُ بِخَلاقِ
كَم عالِمٍ مَدَّ العُلومَ حَبائِلاً
لِوَقيعَةٍ وَقَطيعَةٍ وَفِراقِ
....
وَأَديبِ قَومٍ تَستَحِقُّ يَمينُهُ
قَطعَ الأَنامِلِ أَو لَظى الإِحراقِ
يَلهو وَيَلعَبُ بِالعُقولِ بَيانُهُ
فَكَأَنَّهُ في السِحرِ رُقيَةُ راقي
في كَفِّهِ قَلَمٌ يَمُجُّ لُعابُهُ
سُمّاً وَيَنفِثُهُ عَلى الأَوراقِ
يَرِدُ الحَقائِقَ وَهيَ بيضٌ نُصَّعٌ
قُدسِيَّةٌ عُلوِيَّةُ الإِشراقِ
فَيَرُدُّها سوداً عَلى جَنَباتِها
مِن ظُلمَةَ التَمويهِ أَلفُ نِطاقِ
عَرِيَت عَنِ الحَقِّ المُطَهَّرِ نَفسُهُ
فَحَياتُهُ ثِقلٌ عَلى الأَعناقِ
لَو كانَ ذا خُلُقٍ لَأَسعَدَ قَومَهُ
بِبَيانِهِ وَيَراعِهِ السَبّاقِ
و للقصيدة كاملة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق