قالوا لنا ان مثلث الفقر و الجهل و المرض هو مشكلتنا و انها حلقة شيطانية كل من اطرافها سبب للثاني او مغذ له. والحقيقة ان هذا المثلث هو نتيجة او عرض لمرض عضال حاولوا اخفاؤه عنا. و لان المرض الاصلي لم يعالج فقد كانت كل الجهود للتغلب على ذلك المثلث بمثابة مراهم و مسكنات و بقينا نراوح منزلتنا بالنسبة للأمم المتقدمة بينما استطاع غيرنا ممن كان و رائنا مثل اليابان وكوريا وتايوان و غيرها العبور و اجتياز المرحلة.
مثلث المرض الحقيقي و اصل المشكلة هو غياب الحريات و تعطيل المرأة و النظام التعليمي الفاسد.
غياب الحريات لا يؤدي فقط الى عدم الانتماء و تقييد القدرات و لكنه يؤدي الى نظام حكم ضعيف يعتمد القدرات العسكرية و الامنية و الارتهان للقوى الخارجية و سياسات الترضية الاجتماعية بما يفسد الادارة و الاقتصاد و يغير المعايير الطبيعية للمنافسة و الترقي.
اما مشكلتنا المزمنة في تعطيل امكانيات المرأة فليست فقط في تعطيل نصف المجتمع و لكنها في تعطيل الجزء الفاعل في تنشئة النصف الثاني من المجتمع. فكيف يمكن لعبد ان يؤدب حرا؟ ألا ترى ان اضطهاد المرأة تقوده الامهات و المعلمات؟ و لو كان الرجل هو الخصم فمن هي مربيتة؟. انها مشكلة اجتماعية عميقة تعوق تقدم المجتمع ككل و لامناص من مواجهتها لحلها بكل الوسائل. و بداية الحل في المساواة بالقوانين و تأكيد الحقوق الانسانية المتساوية و العودة الى اصل الدين في تقدير المرأة و نبذ العادات البدوية و الجاهلية.
وأخيرا نأتي الى نظام التعليم الفاسد. فالأجدر تسميته بآلية صنع الغباء و قد اثبتت دراسات موثوقة تراجع القدرات العقلية للأطفال ما بين الصف الاول الابتدائي و الصف السادس الابتدائي. و الحقيقة انه نظام فاسد فاشل على كل الاصعدة المالية و الادارة و المرافق و المناهج و الاهداف و الدليل على ذلك حصاده. فما زالت معدلات الامية عالية على الرغم من الزامية التعليم و مجانيته منذ اكثر من 60 عاما. وما زالت امكانيات الخريجين و انتاجيتهم اقل من اقرانهم في الدول المتقدمة او حتى خريجي بعض مؤسسات التعليم الخاص في نفس البلد. و ما زالت الاسر تنفق مبالغ اضافية هائلة لضمان تعليم افضل لأبنائها. و نظرة الى معدلات الكتب المؤلفة او المترجمة او المقروءه او معدلات الوصول الى الانترنت و المساهمة فيها او الابحاث المعتمدة او براءات الاختراع المسجلة او ارقى الجامعات او مراكز البحث العلمي و الانساني تدعو الى الاسى على انظمتنا التعليمية
مهما فعلنا فلن نأخذ مكاننا في مقدمة الامم إلا بعلاج اصل المشكلة وهو غياب الحريات و تعطيل المرأة و النظام التعليمي الفاسد. الم يكن هذا ما رفع اجدادنا من قاع الامم الى مقدمتها ثم ردها الى اسفل سافلين مع مصادرة الحريات واختراع الجهات ذات السيادة و العودة الى الجاهلية في حكم المرأة و التعليم كما و جدنا عليه اباؤنا. و لا يقول قائل اننا بخير مقارنة بأمثالنا فلسنا بأقل من اكثر الامم تقدما ومنها من كانوا بالأمس ورائنا وصلوا قبلنا.
اسرائيل الى زوال (9)
-
الكاتب هو اري شيفيت كتبه في جريده هاريتس
🌍 .. هذا العنوان ليس من عندي، وليس حلم 12 مليون فلسطيني في فلسطين والشتات،
أيضاً ليس تحققاً لنبوءة محمود درويش، ...
قبل 4 أعوام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق